تواصل معنا
المعارض والفعاليات

الحنين إلى الوطن

بقلم شيماء أيوب

كيف تصمم ؟ مجتمع جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر يقود الطريق

”الحنين إلى الوطن“ هو مقال مصور بقلم شيماء أيوب يسلط الضوء على مجتمع جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر. 

Necklace made in Lebanon
©Shaima Ayoub, VCUarts Qatar
Young Women Portrait Art Director Qatar

قلادة مصنوعة يدوياً

“أنا من مواليد لبنان وأعيش هنا في الدوحة منذ أحد عشر عامًا. بعد أن قضيت فترة طويلة من حياتي في الخارج، أصبحت أقدّر الحرف اليدوية المختلفة التي كانت جزءًا كبيرًا من طفولتي وحياتي في بيروت.

أحببت هذه القلادة دائمًا، على الرغم من أنني لا أستطيع ارتداءها الآن دون أن يسقط منها بعض القطع. تتكون هذه القلادة من خمس قطع، يمكنك دائما تغيير الحجر الموجود في العقد، يمكنك تغييرها حسب ملابسك أو حالتك المزاجية، هي قطعة صنعت بإبداع حقا. عادة ما تكون المجوهرات التي أرتديها صناعية تمامًا، ولهذا فإن هذه القلادة تمثّل أيضًا نوع المجوهرات التي أحبها. أحب دائما القطع التي يمكنك فيها رؤية وتقدير الحرفة والوقت الذي اُستغرق في إنجازها – فهي تذكرني دائما ببيروت وحياتي فيها.

كنت دائمًا خلال دراستي في الولايات المتحدة، آخذ بعضا من القطع الحرفية والتقليلدية الصغيرة من بيروت إلى أصدقائي كهدايا. كنت أشعر بأنني أعطي وأشارك جزءا من وطني ومنزلي مع أولئك الأصدقاء.” – ساره شعبان

Necklace
©Shaima Ayoub, VCUarts Qatar

الغيتار الأول

“موطني هو غيتاري. ليس فقط غيتاري، ولكن أيضًا آلاتي الموسيقية الأخرى، العود والبيانو. لكن هذا الغيتار على وجه التحديد يحتل مكانة كبيرة في قلبي، فهو غيتاري الأول. بعد يوم حافل، أعود إلى المنزل وأنا أشعر بأنني لم أنجز شيئا حتى أعزف عليه. عندما يكون لدي الكثير من المهام التي علي إنجازها، يبقى غيتاري في الزاوية ويصبح مغبرًا … يحزنني هذا وأشعر بأنني قد تخليت عنه، كما لو أنه ينتظرني. لذا فإن الوطن لي ليس بالضرورة مكانًا أو شخصًا، ولكنه أكثر تجريدًا من ذلك. إنه حبي لعزف الغيتار.

تحتوي معظم الموسيقى التي أستمع إليها على صوت الغيتار الكهربائي، وعندما أستمع إلى أغنية وأسمع صوت الغيتار منفردًا، أتذكر غيتاري وأشعر بالحنين إليه وبأنني أفتقده. إنه أمر عاطفي للغاية بالنسبة لي.”
– غيداء عبدالهليل

دوباتا الأم

“عندما أفكر في “ما هو لي الوطن”، فإن أول ما يتبادر إلى ذهني هو هذه القطعة من القماش. كمصمم داخلي، كان “الوطن” في الماضي يشير إلى المنازل والمباني، ولكن ذلك تغير حقًا عند إدراكي بأن الأمر كله يتعلق بالناس. بالنسبة لي، وطني هو أمي.

كانت هذه القطعة هي شال والدتي، ما نطلق عليه دوباتا، وهي قطعة القماش التي كانت تلبسها كغطاء للرأس. كانت هذه الدوباتا هو ما ارتدته والدتي أثناء وجودها في العناية الفائقة لمدة 10 أشهر. كانت هذه آخر قطعة ملابس ارتدتها والدتي. كانت تصر دائمًا على البقاء متواضعة، بغض النظر عن حالتها الصحية، كنا كلما أتي أحد لزيارتها في المستشفى نساعدها على ارتداء هذه الدوباتا. كنت اعتبر أمي موطني، هذه القطعة هي الارتباط المادي الوحيد لي بالوطن. ربما لعائلتي أشياء أخرى تربطهم بها، ولكن بالنسبة لي، فهذه هي القطعة التي تربطني بها أكثر من غيرها.

تحمل هذه الدوباتا رائحة ولمسات أمي، كانت هذه القطعة أقرب شيء لها. وبالنسبة لي، فهي قطعة مريحة ارتديها في المنزل، وتذكرني بالمكان الذي قد اسميه الوطن، والذي يجلب لي ذكريات الوطن. هذه القطعة تجلب لي الراحة وتجعلني أشعر بأنني في وطني.”
– أسماء الحسنى

صورة ثابتة من ليبيا

“الوطن لي هو مجموعة ذكريات طفولتي في ليبيا. لم أتمكن من زيارة ليبيا في معظم الأوقات، لأنه بلد يمر بحروب أهلية منذ عقد من الزمان . لم أذهب إلى هناك منذ 7 سنوات. وبالتالي فإن جميع القطع في هذه الصورة هي جزء من “وطني”، من حيث أتيت.

نشتهر في شمال إفريقيا بشرب الشاي، و ربما تعرفون الشاي المغربي، و في ليبيا لدينا أيضًا نوع مشابه من الشاي. هذا ما يمثله إبريق الشاي وفنجان الشاي في الصورة. وأنا طفلة، كنا نجلس في منزل جدي، في الخارج، ونشرب الشاي كثيرًا. كان لدى جدتي فناجين شاي ملونة، مصنوعة من زجاج ملون. كنت طفلة فلم أكن أشرب الشاي، لذلك كنت أطلب من جدتي أن تصب لي الماء في فنجان الشاي. ولأن الفنجان كان ملونا، فلا يمكنك رؤية لون السائل بالداخل. كنت أمثّل بأنني أشرب الشاي مع أبناء عمومتي، فأشعر بأنني فتاة كبيرة، لكنهم جميعًا كانوا يعرفون أنه ماء.

تمثل الأزهار أيضًا الفناء الخلفي لبيت جدي، كان مليئًا بالزهور. يمثل العنب المنزل الذي عشت فيه أنا ووالداي. عشنا في مدينة مختلفة عن المدينة التي يسكن بها أجدادي. بسبب المناخ كان لدينا الكثير من الأشجار – كروم العنب وأشجار الليمون. كان لدينا عريشة من العنب الأحمر، وكان العنب يتسلق جميع الجدران. كنت صغيرة، لذلك لم أستطع الوصول إلى العنب. اعتدت أن أقول لأبي “سأكبر يومًا وسأقدر على الوصول إلى العنب بمفردي”.

أما خلفية الصورة فهي عبارة عن غطاء. هذا الغطاء لفتني به جدتي في إحدى الليالي الباردة من شهر ديسمبر ونحن نغادر منزلهم. كان عمري عامين أو ثلاثة أعوام. كان الجو باردًا في الليل، فلفَّتني به جدتي لإبقى دافئة في طريق العودة إلى المنزل. وعندما أرادت أمي أن تعيد الغطاء إلى جدتي، طلبت منها أن تحتفظ به لي، وأن تخبرني عندما أكبر بأن عمر المختار استخدم هذا الغطاء عندما كان ينام في منزل جدي.

أخيرًا، كرة البلياردو. تذكرني بأجدادي أهل والدتي، كان لديهما طاولة بلياردو كبيرة في منتصف غرفة المعيشة. كنا 4 حفيدات و 20 حفيدا. لم يسمح لنا الأولاد باللعب معهم على طاولة البلياردو فكان اللعب لهم دائمًا.” – إسراء محجوب

صور الجد الغالي

“اخترت ثلاث صور لجدي، بناءً على الوقت الذي أتذكره فيه كثيرًا. هذه الصورة منذ ولادتي، اعتدت العيش معه، حتى أصبح عمري 3 سنوات.

في الصورتين، جدي في مكتبه. شغل جدي منصب مدير العلاقات العامة في بلدية دمشق لمدة 40 عامًا. أعمل الآن منسق التسويق والاتصالات في جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، أشعر بوجود علاقة بيني وبين جدي فيما نقوم به وكيف نفكر. هناك الكثير من الأشياء التي تعلمتها منه، والتي تبقى معي، والكثير من الكلمات التي قالها لي والتي لا يزال صداها يتردد في رأسي، والتي أستخدمها الآن في حياتي اليومية.

كان رجلا روحانيا جدا. كان لديه القدرة على جذب الطاقة الإيجابية والاحتفاظ بها داخله، وكان من المدهش أن أكون معه. كنت أشعر بأن وجوده هو الوطن بالنسبة لي. كنت أشعر بوجود “الوطن” في وجوده. عندما لم يكن في المنزل، كنت أشعر بالغربة، لم يكن المنزل أبدًا هو نفس المنزل. في كل مرة أزور فيها بلد كان هو قد زاره، يصبح على الفور مكانًا يمكنني الارتباط به شخصيًا، مكانًا اكتشفه جدي.

رأيته آخر مرة قبل شهرين من وفاته، أخذت أطفالي لرؤيته. كان مريضًا جدًا، وأتذكر بأنني شعرت بالخوف عند زيارة منزله. كان هناك شيء ما في المنزل، لم أشعر بنفس الشعور. شعرت بأن روحه كانت تتراجع.

في كل مرة أتذكره أشعر بتحسن، وأشعر أن الأمور ستكون على ما يرام. أينما يكون أكون. فهو معي دائما في أحلامي. أعلم بأنه معي ويراقبني. على الرغم من أنه لم يعد هنا، إلا أنني أشعر بأنه الوطن. المشاعر التي تخالجك عندما تعود إلى الوطن، مشاعر الأمان والامتنان والحب والمودة – هذه هي المشاعر التي أشعر بها دائمًا عندما أرى صورته، وعندما أسمع قصة عنه، أو عندما أسمع صوته في مقطع من مقاطع الفيديو.

لذلك، فهذه الصور على وجه التحديد، والتي تذكرني بطفولتي معه، تجلب لي الكثير من الراحة والامتنان حتى في أصعب الأوقات، ولهذا أشعر بأن جدي هو وطني.” – رشا الكساب

رائحة العود

“يذكرني العود بالجيل الأكبر سنا. يذكرني بجدي وأبي. إنها رائحة تقليدية جميلة حيث لم يكن لديهم أي عطور، لذلك كانت دائما تفوح منهم رائحة العود أو البخور، سواء بعطر أو بدونه.

إنها رائحة تذكرني بجذوري العربية. أحملها معي وأنا خارج قطر لتذكرني ببلدي. يمكنك ملاحظة رائحة العود المميزة، حتى وأنت محاط بشوارع ومدن مزدحمة. عندما أكون في مكان غريب وأشم رائحة العود، فإن ذلك يجلب لي إحساسًا بالراحة والشعور بالوطن.

يأتي العود بسمات مختلفة. أنا أحب النوتات الترابية والخشبية والعميقة مثل تلك الأنواع الأصلية التي استخدموها من قبل. أعتقد أن روائح الناس تصور أيضًا شخصياتهم – بعضها مثل الأزهار، والبعض الآخر مثل العود العميق، والبعض مثل النوتات الفرنسية، والبعض الآخر مثل الروائح الخفيفة للغاية. إنه شخصي للغاية. أولئك الذين يحبون الروائح الخفيفة عادة ما يكونون أكثر هدوءًا، في حين أن أولئك الذين يحبون الروائح القوية والجريئة عادة ما يكونون أكثر انبساطًا.

كعرب، نحب الروائح العبقة والثقيلة حقًا فهي أكثر تعبيرا عن طبيعتنا: الطريقة التي نتحدث بها ونحرك أيدينا، الطريقة التي نعبر بها باستخدام لغة أجسادنا.

في منزلي، تعتبر الروائح عاملاً مهمًا جدًا في حياتنا اليومية. تشعر دائمًا برائحة البخور تعبق في المنزل. أعرف والديّ من رائحتهما وعودهما.  أشم رائحة عطرهما تعبق في الفضاء، فأعلم أنهما قربي. فرائحتهم تعبق في الهواء للحظة وتبقى هناك.

يذكرني العود بالمنزل .. أشعر به حنينا ودافئا جدا. تماما كالوطن.” – حسن الشحي

مجموعة مجوهرات محلية الصنع

“ولدت لعائلة مهاجرة كانت تحرث وتزرع وتحصد الفاكهة والخضروات في الولايات المتحدة. نشأت محاطة بحقول الطماطم مع عائلتي وأبناء عمومتي حتى سن 18 عامًا. الطماطم (البندورة) هي علاقتي بالعائلة أينما كنت في العالم.

كنا في مزرعة في ولاية إنديانا، وتعلمت كيفية قيادة الجرارات الكبيرة. ترتبط الطماطم ارتباطًا وثيقًا بطفولتي وعائلتي، وتلك المزرعة هي حقًا كل ذكرياتي مع أخوتي.

تمثل هذه الأسهم على الأقراط الحج في إسبانيا. مهما كان الطريق الذي تسلكه، هناك أسهم ترشدك في الاتجاه الصحيح. إنه يرمز إلى أن العائلة موجودة في أي اتجاه أذهب إليه. هم في دمي وقلبي. لدي إيمان بأنني في أي مكان أذهب إليه في العالم سأصادف شخصًا من العائلة، سواء تربطني به صلة دم أم لا.

هذه القلادة بها 6 حبات من الطماطم، ترمز إلى إخوتي الستة. تمثّل الكزبرة الموجودة بين الطماطم تراثي اللاتيني/ المكسيكي. فنحن نستخدم الكزبرة دائمًا في كل وجبة، وهي لذلك تمثل جميع الوجبات التي شاركناها والأوقات التي التقينا فيها معًا. تذكرني الكزبرة ورائحة الكزبرة، بطعام أمي.

أقراط عباد الشمس التي أرتديها هي من قرية قريبة من مدينة واهاكا المكسيكية، وهي مصنوعة من الذرة. ترمز بذور عباد الشمس في أمريكا اللاتينية إلى السعادة وطول العمر والاتصال بالأرض والولاء. يقوم أهل القرية بنقل مهاراتهم إلى النساء لمنحهن وظائف وإعادة تدوير خامات الأرض.

قمت بابتكار هذه المجوهرات لأنني أردت أن أجد طريقة للتعبير عن جمال هذه الفاكهة التي كنت محاطة بها، وإظهار ما تعنيه لي. كبرت مع الكثير من الخضار والفواكه المختلفة، وليس فقط الطماطم. كان لدينا الفراولة في تينيسي، والكرز الأسود في ميشيغان. لدي الكثير من الذكريات الرائعة المرتبطة بالفواكه والخضروات. كل هذه العناصر التي نزرعها في الأرض تشبهنا. نحن، كبشر، جزء من الأرض أيضًا. إن غرس البذور في الأرض ورعايتها وزراعتها، كل ذلك يرتبط بمفهوم الأسرة ويتماشى معه.” – مارجريتا زونيغا

الماساي شوكا من كينيا

“يأتي الشوكا بالعديد من الألوان المختلفة، و بألوان زاهية في العادة، ولكن تأتي جميعها متعددة الألوان وبخطوط مربعة. لون الماساي شوكا الأصلي هو الأحمر الداكن، تقريبا لون الدم. أفضل اللون الأحمر، بينما تفضل والدتي اللون الوردي. يذكرني الشوكا بالوطن، يشعرني بأنني في حال أفضل، يذكرني بذكريات طيبة عن كينيا وعائلتي وتاريخي وثقافتي.” – إريك كريمي

  1.  سارة شعبان, المدير الفني دائرة الاتصالات
  2. غيداء عبدالهليل، طالبة 
  3.  أسماء الحسنى، منسق التعليم الدولي، تأشيرات الطلاب والسكن
  4. إسراء محجوب، طالبة 
  5. رشا الكساب، منسق التسويق والاتصالات
  6. حسن الشحي، طالب 
  7.  مارجريتا زونيغا، منسق العلاقات المجتمعية
  8. إريك كريمي، موظف أمن المعرض

شيماء أيوب مصور فوتوغرافي وباحث من لندن، تعيش وتعمل حاليًا في الدوحة. حاصلة على درجة البكالوريوس في اتصالات الموضة من جامعة ميدلسكس، مع التركيز على صناعة الصور، حصلت على درجة الماجستير في ممارسات المتاحف والمعارض من جامعة كاليفورنيا.

مواضيع ذات
صلة

​ المراسلين

بالتوازي

عدد رقم
2

تذكّر الوطن

نوفمبر ٢٠٢١–فبراير ٢٠٢٢
error: Content is protected !!

Learn about our open and past events

Explore new perspectives on art and design from
our community and our international contributors

تعرف على معارضنا وفعالياتنا الحالية والسابقة