تحدّثت أليشا عن أعمالها مع القم الفني على المعارض إنغري لافلور وفسّرت كيف تحوّل مفهومها الفني الذي ترمز إليه حاليًّا تلك الكلمات على اللوحة الإعلانية إلى لحظة فارقة لحركة التيار الفني الإفريقي المستقبلي، وكيف وظّفت ذلك الجدل المحيط بعملها لمساندة فنانين آخرين ولتحفيز المزيد من النقاش حول القضية. ويعدّ العمل في حد ذاته جسرا نحو الالتزام الاجتماعي والنضال وإعادة توزيع الثروة والخيال العلمي والفن العام والسينما والإعلام بما يسمح بكشف حكايات أقل شهرة وإطلاق عنان الخيال لاستكشاف آفاق مستقبلية بديلة.
ظهرت اللوحات الإعلانية للمرة الأولى عام 2017 فوق أسطح منازل حي تم تجديده في بيتسبورغ، أحدثت الجملة الاستفزازية جدلا وتمت إزالتها مبكّرًا. ومع الاحتجاج الناتج عن ذلك أدركت الفنانة أنّ الكلمات لها وقعها على كثير من الناس وأرادت مساندتهم. صممت أليشا برنامجا عاما حررته انطلاقا من عملها “هناك أناس من ذوي البشرة الداكنة في المستقبل” يقدم منحًا صغيرة لإطلاق نقاش حول التشريد وتحسين الأحياء القديمة، وقد حصل البرنامج على منحة زمالة مختبر النصب التذكارية “مونومونت ” ومعهد غوته. ثم أطلقت أليشا عام 2020 برنامج الإقامة الفنية للأمهات الإبداعيات السود تحت عنوان “سيبلس شراين” والذي يدعم سنويا أكثر من سبعين من الأمهات.
يمكننا أن نضع أنفسنا في صوامع ، ولا أريد أبدًا أن أكون ذلك الإنسان الذي يشارك فقط بأفكار معينة وليس في كل شيء.
Ashley Baccus-Clark
وتفسّر أليشا ذلك قائلة “للوحة الإعلانية حياتها المستقلة، مثل الأمومة، تهب الحياة وتغذيها حتى تصبح مستقلة بنفسها.” كانت البداية على شكل مجموعة من الأعمال وليس النص فحسب، بل كذلك التراكيب والفيديو. وبعد أن لقي العمل القبول والاستحسان جاءت اللوحة الإعلانية.
وتحدثت أليشا عن مصدر إلهام عملها وكلماتها الأيقونية قائلة : “استلهمت النص من كوني سوداء البشرة. واستلهمت النص من كوني أعمل في مجال الخيال العلمي.” وهناك مجموعة من الفنانين الآخرين الذين حفزوا النقاشات منهم القيم الفني على المعارض إنغرد لافلور وحركة التيار الفني الإفريقي المستقبلي والخيال العلمي و قادتني إلى العملية الفكرية التي تحوّلت في نهاية المطاف إلى العمل الفني نفسه.
وتتذكر الفنانة تلك اللحظة الفارقة في مسيرتها عندما كانت تعمل مع أطفال المدارس الثانوية الذين كانوا يسعون لإنتاج أفلام زومبي، وكيف اندلعت سلسلة ردات الفعل لانعكاس الذات. كان التلامذة يستكشفون مواقع لتصوير الفيلم، وهو ما قادهم إلى حيها حيث يسكن مقيمون ذاقوا الأمرّين للبقاء على قيد الحياة جراء تاريخ طويل من التمييز العنصري. وقد قدّر التلامذة أنّ الحيّ ملائم تماما لتصوير مشاهد ما بعد القيامة، وهو ما نتجت عنه محادثات كثيرة بينها وبين تلامذتها وفنانين آخرين ومولعين بالخيال العلمي. ثم آلت المحادثات إلى طرح التساؤل حول غياب السود عن أفلام الخيال العلمي، حتى صرحت أليشا ذات يوم: “هناك سود أيضًا في المستقبل!” وقد لاقت تشجيعا لكتابة هذه الكلمات الأيقونية، ففعلت واستمرت تكتب مرارا وتكرارا.
الحلم=الطريق لأفرام
وهناك عمل آخر سوف يُعرض بعنوان “الحلم=الطريق لأفرام” (D.R.E.A.M.= A Way to AFRAM) وهو عمل تشاركي بين أليشا والفنانة ليزا هاريس يسعى لاستكشاف طرق تنشيط شبكة من البوابات تقود إلى أماكن يمكن الاستمتاع فيها بأمان. ويوثق تركيب الفيديو عملية افتتاح بوابة في مارفا بولاية تكساس. ويمثّل التوتّر الذي يشاهده الجمهور بين الفنانتين تلك الطاقة الضرورية لفتح بوابات اليوتوبيا التي عثرتا عليها هنا على كوكبنا. وبحسب تعبير الفنانة ليزا هاريس كما ورد على موقع المشروع على الانترنت فإنّ “أفرام أو إفريقيا وأمريكا هو فضاء داخلي يتيح إمكانية تزايد وجود السود. في أفرام يمكن للسود أن يحلموا. يمكن لنا الاستيقاظ. يمكن لنا البناء. يمكن لنا أن نتكاسل. يمكن لنا أن نثق بالآخرين. يمكن أن ينتابنا الشك. يمكن أن نشعر بالبراءة. يمكن آن نشعر بالرداءة. يمكن أن نكون أشرارا. يمكن أن يصيبنا الملل. يمكن لنا التغيير. يمكن لنا أن نكون.”
وتروي أليشا حكاية المشروع وكيف ظهرت الفكرة للنور. كانت ليزا هاريس فنانة مقيمة في مدينة مارفا بولاية تكساس حيث اكتشفت و بالمعنى الحقيقي للكلمة أنها الشخص الأسود الوحيد بين سكان المدينة من المقيمين البيض واللاتينيين. وكانت محط الأنظار المزعجة ومركز التحديق وغير ذلك من الافتراضات والأفكار المسبقة. بدأت تفكّر عندئذ وتتصور بوابة موسيقية تودي لمكان آمن للسود. ويمكن قراءة مسمى المشهد من العالم الخارجي “مارفا” في الاتجاه المعاكس ليصبح “أفرام” أي يوتوبيا السود المكان المثالي للسود، ومن باب الصدفة يُقرأ كذلك كاختصار لإفريقيا أمريكا.
وعندما عرضت ليزا هاريس أفكارها على اليشا ورمسلي قررت الفنانتان إطلاق المشروع على شكل لعبة، وهكذا ظهرت فكرة لعبة شد الحبل. إنّ التوتر والاهتزازات الناتجة عن شد الحبل بين القوتين واللاعبتين تتجاوب مع الترددات الموجية للمنظر وتفتح بوابة الدخول لأفرام.
وعلى هذا المنوال فتحت الفنانتان بوابات في مواقع وأماكن مختلفة في الولايات المتحدة، وقررتا أن يتم تصوير المشروع من الجانب الآخر للبوابة، أي من أفرام نفسها. ووفقا لهذه الرؤية ستسافر الفنانتان لإفريقيا لإتمام مشروعهما في إثيوبيا وتنزانيا وجزر السيشل، مما يتيح لهما دعوة جمهورهما عبر الموسيقى لليوتوبيا – المدينة المثالية – الرائعة في إفريقيا، الوطن الأم.
وبحسب أليشا فإنّ مشروع الخيال العلمي الراهن متجذر في كوكب الـأرض لأنه يرمز جزئيا للمآثر الأرضية الدنيوية للنساء والأمهات السود ويسعى لإنشاء فضاءات آمنة أينما كنّ. “لقد تنقلنا كثيرا وفي كل منزل سكنّاه مهما كان الحي، كانت أمي تحوله إلى مكان جميل نشعر فيه بالأمان. وكنا نشعر أنّ تلك هي قوة أمي الخارقة.” وتقول أليشا : هناك مكان هنا على سطح الأرض يمكن أن يكون فيه هذا المكان الآمن. يكفي أن نتلاعب بالقياسات لنصل إليه عبر عملية من المتعة و الجمال والتسلية والتوتر”.