تواصل معنا
المعارض والفعاليات

محايد أبدا

بقلم دانييل بيرندت

ربما سمعت هذا من قبل: “يحدث السحر فقط خارج منطقة الراحة الخاصة بك”، “الشيء الوحيد الذي يوقفك من حيث أنت إلى المكان الذي تريد الذهاب إليه هو منطقة راحتك” أو “الحياة تبدأ عند انتهاء منطقة الراحة.”

أصبحت هذه العبارات والعبارات المشابهة هي ما نتغنى به في عصرنا الحالي وفي هذا العصر الليبرالي الجديد والذي نثني فيه على التحسين الذاتي، ليس فقط في التحدث عن الحوافز التجارية، ولكن في جميع أنواع السيناريوهات اليومية، التي تشجع فيها على تحسين الأداء، وأن نكون أكثر ابتكارا وفعالية. فمن أجل تحقيق الازدهار في حياتنا، لا بد أن نخرج من مناطق راحتنا الخاصة.

منطقة الراحة هي الحالة الذهنية التي تبدو فيها الأشياء مألوفة ومريحة لنا. في هذه المنطقة، نعيش بسهولة؛ ينتابنا شعور بأننا مسيطرين على حياتنا. إنه المكان الذي نحب أن نلجأ إليه، وهو المكان الذي يمكننا أن نكون فيه على سجيتنا بالكامل أو على الأقل بطريقة كافية. ومن هذاالمنطلق، تعد منطقة الراحة المساحة الآمنة لنا، وتعتبر تكتيكا للتفاوض والتعامل مع قيود حياتنا.

يستخدم مصطلح “منطقة الراحة” في كثير من الأحيان كتكيف وإعادة تفسير لـ “منطقة التنمية القريبة” وهو مفهوم ابتكره العالم النفسي الروسي ليو سيمونوفتش فيجوتسكي في النصف الأول من القرن العشرين. وفقا لفيجوتسكي، تبدأ عمليات التنمية البشرية والتعلم في مرحلة الطفولة من خلال العلاقات بين الأشخاص ومن خلال التفاعل مع الآخرين أو البيئة الاجتماعية بشكل عام.

وميز بين مستويين من التطور: مستوى الطفل الذي نمنحه مقومات التطور، وتحدد بكل ما يستطيع الطفل القيام به بمفرده؛ ومستوى إنجاز الطفل عند دعم شخص بالغ له أو طفل آخر. “منطقة التنمية القريبة” هي الفجوة بين هذين المستويين. وفقا لفيجوتسكي، من المفترض أن يوفر التعليم للأطفال العديد من الخبرات خارج المستوى الأول وضمن مناطق نموهم القريبة من أجل تعزيز تعلمهم الفردي.

"أليس الأصل أن تكون مرتاحا - وهو امتياز مرتبط بالثروة المادية والصحة الجسدية والتمكن غير المحايد أبدا من الوصول إلى التعليم وتحديد عوامل مثل العرق أو الجنس أو الجنسية - في الواقع كل ما نسعى إليه في الحياة؟ ".


بعد قيام البنية الاجتماعية في أمريكا الشمالية، قام علماء النفس السلوكيون بالتقاط نظرية فيجوتسكي في أوائل الثمانينيات، وبدأ الخطاب الشعبي يشير إلى – الاستيلاء على مفهومه بشكل واسع – إلى المستوى الأول من الاكتفاء الذاتي والتسويف باسم “منطقة الراحة”، بينما تسمية المنطقة الثانية “الهلع” أو “منطقة الخطر” والمنطقة بينهما – “منطقة التنمية القريبة” الأولية – “منطقة التعلم”.

لقد أصبحت الراحة اليوم الشيطان الذي يجب طرده من حياتنا حتى نتمكن من أن نصبح الأفضل. من أجل الازدهار والتعلم نحن بحاجة إلى تحمل المخاطر. ومع ذلك، فهو أيضا علامة على علاقتنا الملتوية مع الراحة. أليس الأصل أن تكون مرتاحا – وهو امتياز مرتبط بالثروة المادية والصحة الجسدية والتمكن غير المحايد أبدا من الوصول إلى التعليم وتحديد عوامل مثل العرق أو الجنس أو الجنسية – في الواقع كل ما نسعى إليه في الحياة؟ نسعى إلى الراحة مع الآخرين. يجب أن تكون بيئات عملنا ومعيشتنا مريحة. وبغض النظر عن الاستمرارية والاستقرار، فإن الراحة تبشر وقبل كل شيء بالارتياح من أعبائها المستمرة و كفاحنا من أجل النمو والتحسن.

يعتبر معرض “منطقة الراحة 1 – المنزل” واحدا من ثلاثة أجزاء تعكس الراحة على مستويات مختلفة، الجزء الأول مأخوذ من فكرة المنزل والخصوصية كنقطة انطلاق. في الواقع، تم استخدام عبارة “منطقة الراحة” في البداية كمرجع لأنظمة التدفئة في المنازل الحديثة. تصف مجلة “التدفئة والتهوية”، تصميم أنظمة البناء، المجلد 10،المنشور في عام 1913،تحت عنوان “إنشاء منطقة الراحة”: “قبل العمل لساعات طويلة، أصبح من الواضح أن هناك درجة حرارة ً ورطوبة داخل الغرف تجعل الوضع مريحا “.

كذلك، يشير التعبير الإنجليزي “أنت في المنزل” إلى مكان الإقامة، مكان الحميمية والخصوصية، بالإضافة إلى الظروف التي نرتاح فيها، خذ راحتك. البيت بيتك. يسعى هذا المعرض إلى إبراز علاقتنا المتناقضة مع الراحة والحميمية والخصوصية. يلقي الضوء على حاجتنا إلى الجذور والانتماء كشكل من أشكال اللجوء؛ تفاهة الراحة، وأيضا المثالية الانهزامية المرافقة لها والتي قد تؤدي إلى العزلة والركود وفقدان القوة. في النهاية، فإن منطقة الراحة لن ً تكون أبدا منطقة محايدة أو مغلقة بإحكام. فهي تتطلب قدرا كبيرا من المرونة الاخلاقية والإرادة للتوصل إلى حل وسط. ً كيف يمكن ألي شخص أن يكون مرتاحا والحقيقة أن الراحة ً بالنسبة للبعض غالبا ما تستند إلى عدم راحة الآخرين؟

العودة إلى صفحة المعرض هنا.

درس دانييل بيرندت تاريخ الفن والفلسفة والأنثروبولوجيا الاجتماعية في جامعة Freie في برلين. كان زميلًا في درجة الدكتوراة في الدراسات العليا في التصوير الفوتوغرافي في جامعة براونشفايج للفنون، وكان باحثا مشاركًا في أرشيف الأدب الألماني في مارباخ في سياق مشروع البحث “سياسة الصورة”. عمل من 2009 – 2012 ، في مؤسسة الصورة العربية في بيروت كمنسق لمركز الأبحاث. ظهرت كتاباته في كل من Ibraaz و Springerin و Aperture و Frieze من بين منشورات أخرى. تم نشر كتابه “التكرار كمقاومة؟ – Wiederholung als Widerstand؟” حول إعادة التأطير الفني للصور التاريخية فيما يتعلق بتاريخ فلسطين (تحليل أعمال أكرم زعتري ولمياء جريج ووليد رعد وإميلي جاسر وياسمين عيد الصباغ)، وتم نشره عام 2018 بواسطة دار نشر Verlag Transcript.
error: Content is protected !!

Learn about our open and past events

Explore new perspectives on art and design from
our community and our international contributors

تعرف على معارضنا وفعالياتنا الحالية والسابقة