في عام 1997، بدأت المؤسسة العربية للصورة (AIF) العمل رسميًا كمنظمة غير ربحية في بيروت. تم تصميمها كمبادرة لجمع المعرفة وتعزيز الوعي حول تراث التصوير الفوتوغرافي في المنطقة من خلال تحديد أماكن تواجد الصور الفوتوغرافية وجمعها وحفظها، استطاعت المؤسسة العربية للصورة الآن جمع أكثر من 600 ألف صورة فوتوغرافية من لبنان والعراق وإيران وفلسطين وسوريا ومصر والأردن والمغرب والجزائر، بالإضافة إلى المكسيك والسنغال والأرجنتين. والتي يعود تاريخها إلى منتصف القرن التاسع عشر. يحدد العمل التنظيمي مهمة المؤسسة بأنها ليس فقط حفظ وإدارة الصور، ولكن السعي دائمًا إلى نشر هذه الصور ومشاركتها مع الجمهور. كانت إحدى الأدوات الرئيسية التي عملت عليها المؤسسة هي قاعدة بيانات الصور المتوفرة على الإنترنت، والتي تتيح الوصول إلى ما أكثر من 20 ألف صورة. واستخدمت المؤسسة وسيلة عرض مركزية أخرى وهي “المعرض”. منذ إنشائها، أنتجت المؤسسة العربية للصورة خمسة عشر معرضًا متجولا في جميع أنحاء العالم، والذي كان غالبًا مصحوبا بمنشورات شاملة.
في مضمون المؤسسة، فإن التنسيق بشكل عام يتجاوز الحفاظ على مجموعات الصور الفوتوغرافية وعرضها.
ومع ذلك، وفي مضمون المؤسسة، فإن التنسيق بشكل عام يتجاوز الحفاظ على مجموعات الصور الفوتوغرافية وعرضها. تقوم المؤسسة العربية للصورة والمشاريع التي تنشأ عنها بمهمة تعليمية منطقية وقوية، وفي نفس الوقت غالبًا ما يتساءل أعضاء المؤسسة ويتحدّون ممارسات تنظيم المعارض التقليدية. وبصرف النظر عن جمع ونشر المعرفة، فهم يفكرون وبشكل نقدي في دورهم وإمكانياتهم كمنتجين للمعرفة، فضلاً عن المسؤولية، التي تنتج عن هذا النوع من المؤسسات.
في ضوء الماضي الاستعماري للشرق الأوسط، يمكن بالتأكيد اعتبار المؤسسة العربية للصورة ورسالتها محاولة من جانب أعضائها للتصالح مع تاريخهم من خلال دراسة الثقافة البصرية للمنطقة، وتمثيلها في التصوير الفوتوغرافي العامي. أحد الأهداف الرئيسية لـلمؤسسة هو النظر إلى التاريخ بشكل عام، وتاريخ التصوير الفوتوغرافي على وجه التحديد، من وجهة نظر غير مركزية ولا غربية. ومع ذلك، تم إنشاء المؤسسة أيضًا استجابة لندرة المؤسسات الثقافية والمتاحف بعد الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990). بعد بضع سنوات فقط من حالة السلام الهشة في منتصف التسعينيات التي كانت لا تزال تشهد العديد من التوترات، وفي مدينة دمرت بشكل كبير بالقنابل والاشتباكات العسكرية، كانت المؤسسة العربية للصورة أحد المشاريع الأولى التي بدأها أفراد من المجتمع المدني، المجتمع الذي سعى – على الرغم من النقص العام في التمويل الحكومي – إلى إنشاء بنية تحتية ثقافية جديدة في لبنان.
جاء جوهر المجموعات نتيجة للبحث الفردي الذي قام به أعضاء المؤسسة بناءً على اهتماماتهم الخاصة: كان البعض يركز على نوع معين أو مواقع محددة، في حين أن البعض الآخر كان على وجه الخصوص مهتم بعمل مصوري استوديو معين. في السنوات ما بين 1998 و 2002 ، قام العضوان المؤسسان أكرم زعتري وفؤاد الكوري “برحلات ميدانية” في جميع أنحاء لبنان والأردن وسوريا ومصر، للتواصل مع العائلات التي كانت على مدى أجيال متأصلة من الطبقة الاجتماعية العليا. فعلوا ذلك على افتراض أن الأثرياء تمكنوا من تحمّل تكاليف التصوير الفوتوغرافي منذ القرن التاسع عشر، عندما كان التصوير الفوتوغرافي لا يزال عنصرًا فاخرًا بالنسبة لمعظم الناس. اكتشفوا لاحقًا أيضًا أن أحد أفراد الأسرة غالبًا ما يحتفظ بجميع صور العائلة ويسلمها إلى أفراد آخرين من الجيل التالي. وبالتالي، تمكنوا من تحديد موقع عدد كبير من الصور وجمع معلومات عن المصورين الذين صوروها في وقت قصير نسبيًا. كما تمكنوا من الحصول على تلك الصور أو استخراج نسخ دقيقة من “النسخ الأصلية”.
خلال رحلاتهم البحثية، أجرى أكرم زعتري وفؤاد الكورى أيضًا العديد من المقابلات مع المالكين والمصورين، والتي تم تسجيلها على شرائط فيديو وشرائط صوتية لتوضيح الصور، والنيجاتيف، والصور المجسمة والألواح الزجاجية التي جمعوها. كما قام أعضاء آخرون في المؤسسة ، مثل يتو برادة ولارا بلدي، بفعل ذلك في أماكن مماثلة في السنغال، ودول المغرب العربي، وفي العراق. ومع ذلك، وفي وقت لاحق، ومع تزايد الاعتراف بالمؤسسة، تم تسليم المزيد والمزيد من الصور مباشرة إلى المؤسسة من قبل الأفراد والمصورين المحترفين. وبهذه الطريقة تنامت مجموعات المؤسسة وباستمرار حتى اليوم، دون الحاجة إلى أبحاث موسعة ورحلات ميدانية.
بدأت المؤسسة عملها في وقت بدأت فيه المتاحف فقط في عرض مجموعاتها عبر الإنترنت، وأصبحت فكرة النشر العالمي للمعلومات عن التراث الثقافي الذي يقومون بفهرسته منتشرة وملفتة للانتباه بشكل متزايد. لم تغير الوسائط الرقمية والإنترنت الإنتاج المعاصر والاستخدام اليومي للتصوير الفوتوغرافي وتداول الصور فحسب، بل عملت أيضًا على تعزيز إعادة تقييمها كمصادر تاريخية من خلال منحها فرصة “للعرض” من جديد. مع الإنترنت والتخزين الرقمي جاء ما أسماه جاك دريدا “الوعد بالأرشيف”: أرضية تبدو أكثر ديمقراطية للتأريخ وضمان مدى الحياة للوثائق والمعرفة، والتي لولا ذلك لكان من المرجح – عاجلاً أم آجلاً – أن تُنسى.
ظهر هذا المقال في الأصل في مجلة Stedelijk Studies التي أعدها متحف Stedelijk في أمستردام. تم نشر المقال هنا بإذن من المؤلف.